علقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية على قرار نائب رئيس السابق عمر سليمان، بالترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة فى مصر والمقررة فى شهر مايو القادم، معتبرة إياه أنه تغيير مهم فى التوجه العام للانتخابات القادمة، خاصة أن سليمان يسعى جديا لتقديم نفسه باعتباره الاختيار الأفضل لاستعادة الأمن والإستقرار فى البلاد.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن قرار سليمان بالعودة من جديد للمشهد السياسى فى مصر، كان مثيرا للضحك والسخرية، قبل عام من الآن، بعدما ظهر بشكل متجهم أمام كاميرات التليفزيون، معلنا تنحى الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، وتخليه عن السلطة فى البلاد بعد ثلاثة عقود كاملة على مقعد الرئيس.
إلا أن الموقف قد تغير كثيرا منذ تنحى مبارك، خاصة بعد أن بدت سيطرة الإسلاميين واضحة على مقاليد الأمور فى البلاد، مع بداية مرحلة جديدة من تاريخ مصر، الأمر الذى أثار قلقا، ليس فقط التيار العلمانى فى مصر، وإنما أيضا القوى الغربية التى سعت كثيرا لمنع الإسلاميين من الوصول إلى سدة الحكم، بالإضافة إلى وجود شريحة كبيرة من المجتمع المصرى بدأت تتطلع نحو مرحلة جديدة يحققون من خلالها قدرا من الازدهار الاقتصادى والذى كان سائدا قبل انطلاق الانتفاضة الشعبية التى أطاحت بمبارك ونظامه.
وأضافت الصحيفة أن ترشح سليمان لمقعد الرئيس قد جاء لاحتواء التفوق الواضح للمرشحين الإسلاميين، وهو ما أوضحه أحد المحللين السياسيين المتابعين للمشهد المصرى، والذى أكد أن قرار سليمان جاء بمثابة رد قوى من جانب المجلس العسكرى الحاكم فى البلاد على قرار الإخوان بترشيح الشاطر رغم وعودهم السابقة وتأكيداتهم المتكرره بأنهم لن يخوضوا الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأوضحت "واشنطن بوست" أن ترشح سليمان لمنصب الرئيس يعطى المصريين خيارا، ربما يكون الأوضح من قيام الثورة المصرية وسقوط النظام السابق، بين النظام القديم – والذى كان سليمان أحد أهم حماته – من ناحية ونظاما آخر جديدا يقوده تيار الإسلام السياسى، والذى عانى الاضطهاد والملاحقة إبان عهد الرئيس السابق.
وأوضح الدكتور خالد فهمى - رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة – أن السباق الرئاسى قد صار أكثر احتداما بعد أن ظهر للجميع أن النظام السابق فى مصر مازال قائما ولم يسقط، مؤكدا أن فوزه سوف يؤدى إلى مواجهة بين رموز النظام السابق والأغلبية الإسلامية التى يحظى بها البرلمان فى مصر.
وأضافت الصحيفة أن سليمان لم يظهر بقوة على الساحة المصرية إلا فى أيام مبارك الأخيرة على مقعد الرئيس، عندما قرر تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية، فى محاولة لاحتواء غضب المتظاهرين المصريين الذى هتفوا بسقوط النظام فى ميدان التحرير فى شهر يناير من العام الماضى.
وأوضحت أن سليمان هو أحد القلائل الذين خدموا فى النظام المصرى السابق الذين لم يتم محاكمتهم.
وأوضحت "واشنطن بوست" أن سليمان الذى خدم كرئيس لجهاز المخابرات العامة فى مصر كان أحد الداعمين للتحالف المصرى الأمريكى وكذلك لعلاقات مصرية جيدة مع إسرائيل، كما أن الجهاز الاستخباراتى المصرى قد لعب دورا رئيسيا فى معاونة الجهود الأمريكية التى تهدف إلى محاربة الإرهاب.
وأكد الخبير السياسى المصرى شادى حامد أن سليمان قد يتصاعد بقوة ليصبح أحد أهم وأقوى مرشحى الرئاسة فى مصر، خاصة إذا ما تمكن جنرالات المجلس العسكرى الحاكم فى البلاد من حشد الداعمين سواء من أولئك المؤيدين لهم خلال المرحلة الانتقالية الحالية أو أولئك الذين يشعرون بالقلق الشديد من جراء صعود التيار الإسلامى إلى السلطة فى مصر.
وأضاف أن سليمان يمكنه الفوز بمقعد الرئيس إذا وضع المجلس العسكرى الحاكم ثقله السياسى لدعمه خلال الانتخابات الرئاسية القادمة، موضحا أنه يجب الانتظار حتى يمكن للمتابعين معرفة مدى التنسيق بين المجلس الحاكم وسليمان فى هذا الصدد.
على جانب آخر أكد الناشط الحقوقى حسام بهجت أن الأمر سيكون فى غاية الإثارة خاصة أن جميع الانتهاكات التى قد ارتكبها سليمان إبان وجوده فى السلطة سوف يتم الكشف عنها خلال الأيام القادمة، موضحا أنه العضو الوحيد فى نظام مبارك الذى يتم إجراء أى تحقيق معه.